17 - 07 - 2024

مؤشرات | طوفان أسعار الصرف .. والحل المطروح

مؤشرات | طوفان أسعار الصرف .. والحل المطروح

السؤال الأكثر إلحاحًا على لسان كل الناس وعندما تلتقي أي شخص، متى ستنتهي أزماتنا الإقتصادية ويهدأ طوفان الأسعار الذي طال كل شئ؟.

والتحدي في الإجابة على هذا السؤال، أنه دخل عالم المستحيلات، فأعتى خبراء الإقتصاد، أصبح من الصعب عليهم الإجابة، وأصبحت كل التفسيرات والتحليلات مجرد تكهنات، في ظل المتغييرات المتلاحقة إقتصاديًا كل يوم.

وأستطيع أن أجزم أن الحكومة نفسها لا تمتلك إجابة مقنعة بشأن كيفية مواجهة طوفان الأسعار، والتي دخلت مرحلة اللاعودة، في ظل فترة نعيش فيها أمام "طوفان" في أسعار الصرف وأسعار السلع صبيحة كل يوم، بل بين الصباح والمساء، وأصبحت الأسواق بلا رابط.

نعيش الآن مرحلة تحكمها نظم تسعير يفرضها كل قطاع إقتصادي، دون أي ارتباط بالسوق المحلي، لتتكرس سياسة إستخدام الدولار كأداة تسعير لكل شئ من "ربطة الجرجير وحتى الذهب ومشتري الطائرات الخاصة واليخوت".

الحالة التي تعيشها مصر تحتاج إلى وقفة وسريعة، للخروج من هذا الخلل الذي انتشر في البلاد كالطوفان الذي يدخل على غفلة من الزمن على  الناس، والقضية جد خطيرة، فأسعار السلع تتغير بطرق غريبة ومريبة، محكومة بأعباء عناصر التكاليف، وفقا لتقييمها بالدولار.

سألت إثنين من المستثمرين في مجال العقارات وفي الأجهزة الكهربائية عن هذه الفوضى التي تعم الأسواق وإختلاف السعر لكل سلعة لحظيًا، فكانت الإجابة صادمة، حيث اتفقا على أن هناك ما يشبه البورصة تربط تجار كل قطاع، وتحديدا الكبار منهم، وهناك خطوط ساخنة، للإتفاق على متوسط عناصر التكاليف وفقا لسعر متغير للدولار، ووضع هامش لسعر المنتج النهائي.

وزادا في التوضيح بأن سوق الصرف يدار كليًا بعيدًا عن البنك المركزي، بل يمكن القول أن الإعتراف بسلطة البنك المركزي لا وجود لها، بل لا يوجد اعتراف بها في التعاملات السوقية اليومية، لا في قطاع الذهب والصناعات المعدنية وتحديدًا منتجات الحديد بكل أنواعه، وكذلك في قطاع السلع الكهربائية، وفي القطاع العقاري، والذي دخل بقوة في الفترة الأخيرة، وإمتد لبناة العقارات الفردية.

أخبرني صديق بأنه قرر شراء وحدة سكنية في أحد المشروعات العقارية الجديدة، ودبر أموره على السعر الذي أخبرته به الشركة، وعندما ذهب بعد خمسة أيام للإتفاق، فوجئ بإرتفاع سعر الوحدة بنسبة 10% أي مطالب بسداد 300 ألف جنيه زيادة، والسبب إرتفاع "دولار الحديد".

وفي ظل هذا الوضع كثير من المنتجات والسلع المعمرة تختفي من الأسواق، إنتظارًا وترقبًا لأي متغيرات في سعر الصرف، وعرض بعضها بسعر أعلى لمن يرغب في الشراء، بل الجديد تحديد كبرى شركات تجارة التجزئة قطعة واحدة من الأجهزة للمشتري، أو أن تأني ببيانات شخص أخر لشراء السلعة.

ومع إتساع الأزمة، تنتشر في الأسواق العديد من أسعار الصرف للدولار في السوق الموازية لكل سلعة، وكأن هناك بنك مركزي مواز لكل سلعة، وتصل في بعض الأحيان إلى أربعة أسعار وربما اكثر في بعض الحالات.

التفسير الطبيعي لذلك هو وجود مليارات الدولارت في السوق الموازية يتم التداول عليها في أسواق الطلب، يلجأ اليها المستوردون والمنتجون والتجار بمختلف فئاتهم، وبذلك تتسع الفجوة بين السعر الرسمي للدولار، وأسعار الأسواق تدريجيًا، وفقا لحجم الطلب، حتى تجاوز السعر لما فاق الضعف.

ولتجاوز هذه الحالة، لابد من توفير غطاء دولاري يغطي الفجوة، والعمل على تعظيم العائدات الدولارية من التصدير والسياحة والمصادر الأخرى الإنتاجية والخدمية، وتحفيز تحويلات العاملين في الخارج، مع تجاوز الأسباب التي خفضت عائدات قناة السويس.

والبعض يرى أن الحل في تحرير سعر الدولار بسعر يوازي سعر الأسواق الموازية، ليتم سحب مليارات الدولار منها، ومع الوقت سينخفض سعر الصرف تدريجيًا.

حتما هناك إختلاف في الرؤى بين طريقتي الحل، وقد يكون الحل الثاني بالتحرير وجمع السيولة الدولارية، بإعتباره الحل الأسرع.

ويبقى السؤال عما تفكر الحكومة، وما هو ما تبحثه في مناقشتها مع صندوق النقد الدولي؟.. هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة..فالأهم هو حلول تنعكس على المواطن ويشعر بها في الأسواق والأسعار التي أنهكته، وتقترب من أن تأكل عظامه.
--------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | أفسحوا المجال للإبداع والإبتكار عربيًا